الوظائف القوية- سر صمود الاقتصاد الأمريكي في وجه التحديات

على الرغم من العواصف الاقتصادية المتتالية، من رسوم جمركية وحروب تجارية إلى تضخم متصاعد وأسعار فائدة مرتفعة، يظل الاقتصاد الأمريكي صامداً في وجه الركود. والسر يكمن في الوظائف؛ فالغالبية العظمى من الراغبين في العمل يجدون فرصًا، مما يمنحهم القدرة على الإنفاق ودعم النمو الاقتصادي المستمر منذ خمس سنوات خلت.

التقارير الاقتصادية الحديثة تسلط الضوء على هذه "الوصفة السحرية" للصلابة الاقتصادية. فقد انخفضت طلبات إعانات البطالة بشكل ملحوظ، مسجلةً أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر، مما يعكس استقرارًا في سوق العمل وندرة عمليات التسريح. ونتيجة لذلك، حافظ معدل البطالة على استقراره، حيث بلغ 4.1% في يونيو، وهو بالكاد أعلى من مستواه قبل فرض الرسوم الجمركية.

هذا المعدل المنخفض للبطالة، الذي لم يتحقق إلا لفترات وجيزة في العقود الخمسة الماضية، يمنح الأمريكيين شعورًا بالأمان الوظيفي، ويشجعهم على الإنفاق بسخاء على مختلف السلع والخدمات، من السيارات الجديدة إلى الإجازات والمطاعم. وقد انعكس ذلك في انتعاش مبيعات التجزئة في يونيو، مدفوعًا جزئيًا بمحاولة المستهلكين للاستباق الأسعار قبل ارتفاعها بسبب الرسوم الجمركية.

على الرغم من ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الاقتصاد. فالعثور على وظيفة يصبح أكثر صعوبة بالنسبة للعاطلين عن العمل، حيث تتردد الشركات في التوظيف بسبب حالة الغموض التي تفرضها الحروب التجارية. كما أن ارتفاع الأسعار يساهم في زيادة الإنفاق، مما يعني أن التضخم يلعب دورًا أيضًا.

ومع ذلك، فإن الزيادة المطردة في الإنفاق الاستهلاكي توفر طلبًا كافيًا على السلع والخدمات، مما يقلل من حاجة الشركات إلى تقليص حجم العمالة. هذا التردد في التسريح يعود أيضًا إلى النقص المزمن في الأيدي العاملة الذي تفاقم بسبب سياسات الهجرة. ونتيجة لذلك، تفضل الشركات الاحتفاظ بموظفيها الحاليين على أمل تحسن الأوضاع الاقتصادية.

بعبارة أخرى، تتبنى الشركات استراتيجية "اكتناز العمالة" خوفًا من صعوبة العثور على موظفين مؤهلين عند تحسن الاقتصاد. ويبدو أن الوظائف، كما قال الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، هي "أفضل برنامج اجتماعي"، وأن ارتفاع التوظيف وانخفاض التسريح هما خير علاج للأوقات الاقتصادية الصعبة.